صقلية

المثلث على الجانب الآخر

إن الجسر المعلق الذي سيعبر مضيق ميسينا ويربط إيطاليا بجزيرة صقلية سيكون الأطول في العالم. والساعة التي نقضيها اليوم في العبارة للذهاب من ريجيو إلى كالابريا سوف تتقلص وتصبح ست دقائق فقط بالسيارة.

وإن حدث هذا –مع العلم أننا سمعنا منذ فترة عن هذا الجسر- فلا شيء سيغير حقيقة أن صقلية سوف تبقى ذاتية الحكم ومستقلة ثقافيا وسياسيًا كما هي الآن. فالجزيرة التي تشبه المثلث والموجودة على الجانب الآخر من المضيق منفصلة بسبب الكثير من الأشياء وليس فقط المياه.

ويحيط بصقلية العديد من تجمعات الجزر: الجزر الإيولية، والجزر العقادية، والجزر البلاجية وهي الأكبر. وجزر أخرى مثل أوستيكا وبانتليريا وهي شهيرة جدًا بنفسها.

وفي شمال صقلية يوجد الجزر الإيولية الشهيرة. أما الجزر البركانية مثل ليباري وفولكانو وسالينا وأليكودي وفيليكودي وباناريا وسترومبلي فهي تشبه مجموعة من القمم السوداء الصلبة التي تطل من المحيط بأشجار الزيتون والكستناء واللوز والتين التي تنمو بصورة مذهلة على المنحدرات البركانية. وسوف تكون تجربة جميلة وفريدة جدًا إن أردت أن تأخذ جولة على الجزر أو إن أردت استكشافهم عن طريق استئجار قارب. وسوف تعشق هذه الشواطئ لا سيما السباحة داخل الينابيع البركانية الحارة.

تقع الجزر العقادية إلى الغرب من جزيرة صقلية: وجزر فافيجنانا وليفانزو وماريتيمو هي الأكبر، في حين أن جزر فورميكا وماراوني هي الأصغر. وتمتلك جزيرة مارتيمو -وهي الأبعد عن اليابسة- حياة نباتية وحيوانية ذات أهمية كبرى؛ حيث يوجد على هذه الجزيرة الكثير من الفصائل التي انقرضت بالفعل على جزيرة صقلية لكنها لا تزال حية هنا. ويمكن الوصول للجزر العقادية عن طريق العبارة من تراباني.

أما الجزر البلاجية التي تقع إلى الجنوب من جزيرة صقلية فهي فريدة ومميزة بسبب قربها من قارة أفريقيا. وتعتبر لامبيدوسا هي الجزيرة الرئيسية في هذه الجزر ويحيط بها الجزر الأخرى الصغيرة مثل كونيجلي ولينوزا، ولامبيوني وهي في الواقع أقرب إلى تونس ومالطا منها إلى إيطاليا.

وصقلية غنية بالتاريخ كذلك: ففي عام 1874 تم افتتاح أول فندق على الجزيرة في تاورمينا؛ الأمر الذي ساعد هذه البلدة الصغيرة إلى حد ما لتنال لقب "قطعة من الفردوس" الذي أطلقه عليها جوته في كتابه "رحلة إيطالية". وتقدم تاورمينا منظرًا مدهشًا لخليج ناكسوس حيث تمتزج الطبيعة القروية جيدًا ويظهر منظر ساحري لجبل إتنا مع البحر.

ويمكن مشاهدة جبل إتنا وهو أطول بركان ثائر في أوروبا من أي مكان على الجانب الشمالي الشرقي للجزيرة. وفي الليل تظهر الحمم البركانية المتدفقة على القمة وكأنها جروح حمراء في السماء السوداء الداكنة. والثوران الأقل ليس مستغربًا. ويوجد العديد من القرى على جانبي الجبل وبارتفاعه. أما تربة الحمم البركانية هذه فهي خصبة جدًا وهو ما يجعل أشجار البرتقال والليمون والزيتون تنمو بكثرة مثل الحشائش على جبل إتنا. وبما أن البركان ليس ثائرًا جدًا فبإمكان المرء السير حتى قرب بلوغ القمة، لكن إن تسلقت أكثر من 900 متر أعلى مستوى سطح البحر فيفضل الاستمرار داخل سيارة جيب واتباع مرشد.

أما في الجانب الشرقي للجزيرة فتقع بلدة سرقوسة المذهلة. وهذه البلدة تتمدد داخل البحر مثل اللسان، ويوجد جزيرة أورتيجيا على طرفها. وفي أورتيجيا يمكنك مشاهدة الجزء القديم من سرقوسة، حيث متاهة من الأزقة، وقوارب الصيد ذات الألوان الزاهية والمياه الفيروزية. أما من الناحية المعمارية فيتميز هذا الجزء من البلدة بطراز العصور الوسطى والطراز الباروكي ويقدم لزائريه رحلة مذهلة وعودة في الأزمنة.

أما على الجانب الشمالي الغربي للجزيرة بجوار باليرمو وهي العاصمة الحيوية لصقلية فيوجد منتجع شاطئي وهو تشفالو. وعلى الرغم من كونه ثاني مكان سياحي في صقلية نظرًا لحجمه وشهرته، إلا أن تشفالو ما يزال يحتفظ بسمات البلدة الصقلية الصغيرة: حيث يوجد عادات تلطيف جيدة، وطعام صحي يعتمد على حمية البحر المتوسط والعديد من المطاعم التي يمكنك الاختيار فيما بينهما. وتقدم البلدة تجربة فريدة لمحبي التسوق حيث أن شارع فيا فيتوريو إيمانويلي لا يخيب ظن أحد على الإطلاق!

وجهات جميلة في صقلية